
زينب الهاشمي… قلمٌ نجفيّ يكتب بلغة الانتماء والجرأة
الكاتب /مجتبى البازي
في مدينة النجف الأشرف، حيث تختلط القداسة بالتاريخ، ويعلو صوت التراث على همسات التغيير، برزت أسماء صحفية تركت بصمتها في ذاكرة المهنة، وكان من بينها الصحفية زينب الهاشمي، التي استطاعت أن تؤسس مدرسة مهنية خاصة بها، تمزج بين رصانة الطرح، وحرارة الانتماء، وصدق الكلمة.
منذ بداياتها، لم تكن زينب الهاشمي صحفية عابرة، بل كانت صاحبة موقف. لم تركن إلى الخطابات الجاهزة، ولم تكتب تحت عباءة المجاملة. بل اختارت منذ أول سطر أن تنحاز للناس، للمهمّشين، وللقضايا التي يخشاها الكثيرون. في تقاريرها، ومقالاتها، وحتى مداخلاتها الإعلامية، كانت تدفع بثقة نحو مساحات جديدة من الحرية والنقد البنّاء، دون أن تفقد حسّها الأخلاقي، أو تسقط في فخ الإثارة الزائفة.
أسلوبها: بين الانسيابية والعمق
تميّزت زينب بأسلوب صحفي يجمع بين البساطة السردية والعمق التحليلي. فهي لا تكتب لمجرد الكتابة، بل تبني نصوصها كمن يرسم لوحة، تتنقل بين الفكرة والحدث والرأي بخفة وذكاء. كانت تُحسن اقتناص التفاصيل الصغيرة، وتحويلها إلى عناوين كبيرة تُثير الرأي العام وتدفع باتجاه التغيير.
في تحقيقاتها الميدانية، لم تكن تكتفي بالمعلومات السطحية، بل تسعى إلى الغوص في عمق المشهد، تُقابل، تُوثّق، وتضع تساؤلاتها بجرأة مهنية دون خوف أو تردد. وقد استطاعت، بفضل إصرارها، أن تُحرّك ملفات ظلت لسنوات طيّ الكتمان.
مواقف وأجندات إعلامية وطنية
لم تكن زينب الهاشمي تكتب من فراغ، بل كانت تحمل أجندة إعلامية واضحة المعالم: محاربة الفساد، تمكين المرأة، الدفاع عن الحريات العامة، وتسليط الضوء على قضايا التربية والتعليم في النجف. وقد دفعت ثمن مواقفها في بعض الأحيان من سلامها الشخصي، لكنها لم تتراجع، بل أكدت في كل مرة أن “الصحافة موقف… وليست حياداً يُشبه الصمت”.
إرث مهني متجدد
ما يميز مدرسة زينب الهاشمي أنها لم تكن حبيسة جيل أو نمط تقليدي، بل استطاعت مواكبة التطور الرقمي، وشاركت في تأسيس منصات إعلامية تفاعلية تهتم بالشأن المحلي، وتدرب عبرها عدد من الصحفيين الشباب، لتترك بذلك إرثاً مهنياً يتجاوز المقالات والبرامج إلى تأثير حيّ في الأجيال القادمة.
في الختام…
زينب الهاشمي ليست مجرد اسم في سجل الصحافة النجفية، بل هي علامة فارقة، وقصة نضال مكتوبة بالحبر والصدق والالتزام. أثبتت أن المرأة الصحفية في النجف ليست على الهامش، بل في صلب المعركة، وأن الصحافة حين تكون نزيهة، تُصبح أداة تغيير حقيقية، وصوتاً لا يُمكن إسقاطه.