
بقلم فاضل المخزومي
مدينة المدحتية نشأت من رحم الإرادة. ففي الحقبة العثمانية، وتحديداً بين عامي 1869 و1872، كان للوالي مدحت باشا؛ إذ أمر برفع قرية الإمام الحمزة بن القاسم (ع) إلى مصاف النواحي الإدارية، سميت بالمدحتية
تقع جنوب بابل، وصلة وصل حيوية بين بغداد والحلة. وفي قلبها، يقبع مرقد الإمام الحمزة (ع)، نواة روحانية تَجعل المدينة مَعلماً للزيارة وإحياء الشعائر.
ليست نقطة على الخريطة فحسب، بل سلة غذاء بخصوبة أراضيها، من حقول الحبوب إلى بساتين النخيل والفاكهة. وتضم أكبر سوق للماشية في المنطقة، إلى جانب صناعات تراثية كالسجاد اليدوي، وحديثة كالسكر والزيوت.
لكن ثروتها الحقيقية هم أهلها، المشهود لهم بالكرم وحسن الضيافة، الذين كانوا سنداً للنازحين وداعماً للحشد الشعبي، وهم في زيارة الأربعين يتحولون إلى خلية نحل لخدمة الزائرين.
على أعتاب التغيير: خمس دورات انتخابية وهموم ناحية تتوق للنهضة
خلال خمس دورات انتخابية، وقف ثلاثة مرشحين على عتبات الأمل، يحملون أحلام ناحية المدحتية وطموحاتها. لكن رياح الواقع كانت قاسية، فحطمت على صخور التعقيدات أحلاماً كانت تبحث عن بصيص ضوء.
تظل المدحتية… بقلبها النابض بأكثر من ١٢٠ ألف ناخب، وبطموحات أبنائها الكبيرة، تتوق إلى تحقيق حلمها البسيط والعادل: مدارس جديدة تبنى لأبنائها، ومحطات الصرف الصحي. لكن خططها تتعثر في أروقة التخطيط والموافقات، وكأنها أسيرة انتظار لا ينتهي.
وبينما يحق لناحية بهذا الحجم والثقل أن تمثل اربعة مقاعد برلمانية على الأقل، فإن شتات الأصوات وغياب التكاتف يحولان دون بلوغ هذه القوة التمثيلية التي تستحقها، مما يضيع فرصتها في الحصول على صوت مسموع.
فهل تدرس هذه القضايا المصيرية بعناية فائقة من قبل أهل المشورة والحكمة وشيوخ العشائر؟ هل نعمل معاً لتصحيح المسار، حتى تنال المدحتية حقها من الاهتمام، وتحقق ذلك التطور المنشود الذي طال انتظاره؟ إنها لحظة الحقيقة التي تتطلب وقفة جادة، وإرادة صلبة، وقلوباً متحابة لخدمة هذه الأرض الطيبة وأهلها.










