اسبوع الغدير الرابع عشر: كيف تحولت العتبة العلويه إلى مسرح ديني وثقافي عابر للطوائف

zainab17 يونيو 2025آخر تحديث :
اسبوع الغدير الرابع عشر: كيف تحولت العتبة العلويه إلى مسرح ديني وثقافي عابر للطوائف

أسبوع الغدير الرابع عشر: كيف تحوّلت العتبة العلوية إلى مسرح ديني وثقافي عابر للطوائف؟

النجف الأشرف /زينب الهاشمي

“واقعة الغدير ليست تاريخًا يُستذكر، بل رسالة تُبث حيّة على جدران مدينةٍ تنبض بالولاء والتجدد” — بهذه العبارة اختصر أحد المشاركين مشهد النجف الأشرف وهي تحتفي بـ أسبوع الغدير الرابع عشر لعام 1446 هـ، الحدث الذي نظمته العتبة العلوية المقدسة وامتد من قلب مرقد الإمام علي (عليه السلام) ليشمل فضاءات الفن، والتقنية، والطفولة، والحوار.

ولكن خلف هذا الزخم المهيب، كيف جرى التخطيط؟ ومن يقف خلف هذه الأنشطة متعددة الأبعاد؟ وكيف استطاع القائمون على تنظيم الأسبوع أن يجعلوا منه حدثًا وطنيًا وإقليميًا يجمع الطيف العراقي بكل تنوعه؟

رفع راية… ورفع مستوى التفاعل المجتمعي

في 10 من الشهر الجاري 2025، رفرفت راية الغدير على قبة مرقد أمير المؤمنين (عليه السلام)، معلنة انطلاق أسبوعٍ مختلف بكل المقاييس. لم يكن الاحتفاء مجرد طقس ديني، بل مشروع مجتمعي واسع، تضافرت فيه الجهود الرسمية والشعبية.

المحافظ يوسف كناوي ورئيس مجلس المحافظة الدكتور حسين العيساوي حضرا، إلى جانب الأمين العام للعتبة العلوية السيد عيسى الخرسان ونائبه وأعضاء مجلس الإدارة، وممثلي أمناء العتبات المقدسة، في دلالة واضحة على أن “الغدير” ليس مناسبة مذهبية بل مشروع وطني جامع، وهي رسالة تكررت في أغلب كلمات الضيوف.

الطفولة في صدارة المشهد: ألف يتيم يمشون نحو النور

في سابقة إنسانية ولافتة، نظّمت العتبة مسيرة للأطفال الأيتام من مقام صافي الصفا إلى المرقد العلوي الشريف، حيث شارك أكثر من 1000 طفل يتيم في هذه الفعالية المؤثرة، رافعين الورود والرايات، مرددين شعارات الولاء.

التحقيق الذي أجريناه داخل قسم الإعلام والعلاقات في العتبة أظهر أن تنظيم المسيرة تطلب جهدًا لوجستيًا كبيرًا، شاركت فيه أكثر من 20 جهة خدمية، وتعاونت فيه منظمات خيرية محلية لرعاية الأيتام. أحد المشرفين قال لنا: “هؤلاء الأطفال هم امتداد البيعة، أردنا أن يشعروا أنهم ليسوا مهمشين في هذا البلد، بل في القلب.”

عندما تحاكي الجدران التاريخ: الفن ينطق بالغدير

العتبة لم تكتفِ بالفعاليات التقليدية، بل فتحت أبوابها للفن التشكيلي، حيث تم تنظيم رسم مباشر على الجدران يجسد واقعة الغدير، بمشاركة فنانين من العراق ودول الجوار. الرسم لم يكن مجرد عرض بصري، بل بيان ثقافي حي أعاد تشكيل التاريخ بمفردات اليوم.

كما أقيمت معارض فنية وعروض مسرحية ومسابقات شعرية، وشارك بها فنانون وأدباء من مختلف المشارب، في تجسيد عملي لرسالة الغدير بوصفها دعوة للتواصل والتعايش والانفتاح.

بيعة الغدير بتقنية الـ VR: التكنولوجيا تخترق الزمن

أحد أبرز أركان الأسبوع كان مشهد البيعة في غدير خم باستخدام تقنية الواقع الافتراضي (VR). هذه المبادرة التي نُفذت بالتعاون مع مختبرات تقنية في كربلاء والنجف، سمحت للزائرين أن يعيشوا لحظة البيعة كما لو كانوا فيها.

في استطلاع ميداني أجرته “وكالة الصحافة العراقية” داخل جناح VR، أبدى الزائرون إعجابهم العميق، وقال بعضهم: “لأول مرة نعيش التاريخ لا نقرأه فقط.” فيما أشار أحد مهندسي المشروع أن العمل استغرق ستة أشهر من التصميم والتحريك والمؤثرات البصرية.

الفعاليات الحوارية… توحيد رغم الاختلاف

أسبوع الغدير لم يكتفِ بالطقوس، بل فتح مساحات للفكر والنقاش عبر ندوات علمية، ومحافل قرآنية، ومنتديات حوارية شارك فيها رجال دين من مختلف المذاهب والديانات. التحقيق الصحفي يكشف أن هذه المشاركة الواسعة لم تكن مجرد حضور شكلي، بل ثمرة تخطيط مسبق ولقاءات تنسيقية طويلة لضمان مساحة مفتوحة للنقاش حول الغدير كقيمة إنسانية وتاريخية، لا كمجرد ذكرى.

حضور إعلامي واسع وتوثيق رقمي دقيق

شاركت وسائل إعلام محلية ودولية، من أبرزها وكالة الوتد نيوز الدولية التي وثقت الحدث بعدساتها وتقاريرها، مما أضفى عليه بُعدًا عالميًا. وقد تبين من استقصائنا داخل قسم الإعلام في العتبة أن أكثر من 70 صحفيًا ومصورًا حصلوا على تصاريح لتغطية أسبوع الغدير، وتم إنشاء مركز إعلامي موحد لتنسيق الجهود وتسهيل نقل المواد للقنوات والوكالات.

ختام القول: هل يتحول “أسبوع الغدير” إلى مشروع وطني سنوي دائم؟

يبدو أن العتبة العلوية، عبر هذا الحدث، لم تكن تحتفل فقط بيوم الغدير، بل كانت ترسل رسائل متعددة: رسالة وحدة، رسالة ثقافة، ورسالة تكنولوجيا وهوية، في مدينةٍ لطالما كانت معقلًا للعلم والدين والتاريخ.

وإذا ما استمر هذا النهج التكاملي في الفعاليات، فإن “أسبوع الغدير” مرشّح لأن يكون حدثًا سنويًا عابرًا للمناسبات الطقسية، ومفتاحًا لثقافة وطنية جديدة، تعيد تعريف العلاقة بين الدين، والمجتمع، والدولة.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة